الخميس، 2 مايو 2013

المشفي

يحملني الصوت لآفاق عَلِيَةٌ، لافيق من غيبوبة علي سرير سحابي في مشفي بين الابعاد غير المدركة. اشعر بترياق الزمن والايام، ماضيها وقادمها يسري في دمي ليصل قلبي ويتفرع، فمرة يكوي جرحا واخري يسقي ارض عطشي وثالة يُسمع محبين منسيين في عالم مجهول خرير عذب يسعد قلبين كادا ان يحزنا لخوف من مستقبل مجهول. اشعر واتامل كل هذا داخلي وانا ارقد كهل عجوز في نقاهة اتمني ان اخرج منها مرة اخري لاكمل البحث عن تلك المراة المنيرة التي انارة احلامي بضع مرات في ازمان غابرة.

الاثنين، 1 أبريل 2013

الاسلاك الشائكة

بعد الحرب كنت من القلة المسموح لهم بالعبور بانتظام.اسكن علي اطراف الدولة الجديدة اري الاسلاك الشائكة من فوق السطوح الذي اسكنه.لم تعد المضايقات والتحرشات (السياسية واللفظية) تحدث حول بيتي. معركة واحدة انتهت بندبة واضحة تحت عيني اليسرى وعدة كسور لاخرين كانت كافية ان يبتلع كل لسانه ويتعامل معي بالاحترام الكافي الناتج عن الخوف.
لا لم اشارك في الحرب، تم التحفظ علي في احدي المعسكرات للشك والتحقيق بناء علي توصية من اخي (صاحب الشعبية وسط هذا المعسكر والمقرب من الامير) ورغم مرور سنة ونصف لا اذكر كثيرا من احداث الاعتقال. ظلام اغلب اليوم هتافات وتدريبات فهمتها بعد مدة ونسيتها سريعا. اصوات تعذيب للاسري لإنتزاع الاعترافات. نظرات الاحتقار من زملائي الاسرى تحمل عريضة من السباب في ثانية واحدة تلمحها في عيني ذلك المناضل(او من يدعي انه مناضل) :كلب، خائن، متعفن، عميل، حقير، وغد، خروف، مدعي، منافق، جاسوس، متخلف، جاهل، ارهابي. احدهم حاول طعني تفاديته بمهارة واعجوبة لم اعرف من اين اتت الاولي ولماذا اتت الثانية.

لا يوجد ما هو ابيض صريح وما هو اسود صريح، يوجد دائما التدرج للوصول للمرحلة التالية او تلك المنطقة الرمادية. وكذلك قيل ان الحدود هي خطوط يرسمها الساسة ولا يعترف بها من يعيشون حولها. انا احي في تلك المنطقة الرمادية والتي لا يعترف اهلها ضمنيا بتلك الاسلاك الشائكة رغم كرههم لها ولمن خلفها الا انه بعد العبور لا تجد فارق كبير بين قبل السلك وبعده الا بعد ردح من الزمن.
الجميع يحتاج الي والجميع يحتقر ما افعل. الجرح مازال غائرا، الكل فقد عزيز، الكل خرج خاسرا من تلك اللعنة. انا عن نفسي اُعد من اكثر الخاسرين. فقدت في تلك اللعنة اخ كان ابنا لي وصديقا كان اخا لي وحبا كان حلما وحبيبة كانت هي الحياة. دفنتهم جميعا في عقلي وقلبي ولم اتمكن من زيارة قبورهم الا بعد ان وضعت الحرب اوزارها يومها عرفت ان خسرت معهم رجولتي واصبحت الان شبحا بلا روح. اروح واغدوا عبر الاسلاك احمل الرسائل والاخبار والاموال المهربة وبعض الممنوعات في اطار ما يسمي تبادل تجاري من اجل تطبيع العلاقات بين البلدين الشقيقن(هي بلد واحد يا اولاد الزناه).
برنامج مشبوه يخدم مصالح الكبار في الداخل والاكبر منهم في الخارج. اخذ بنفسي هدايا من احد الكبار في الجانب الذي احمل جواز سفره لأوصله بنفسي لاعتاب دار احد الاكابر في الجانب الاخر. المصالح تتصالح يا عزيزي. كل من الطرفين بطل حرب في جانبه وكل من الطرفين ينسق مع الاخر المهام والادوار التي تاتيه من الخارج. كلاهما كلب، خائن، متعفن، عميل، حقير، وغد، خروف، مدعي، منافق، جاسوس، متخلف، جاهل، ارهابي. لكنه يحمل وساما. وانا ادني من ان احمل وساما اغلب من انتمي اليهم في الجانب الاخر لفظوني لاني افكر. واغلب من اردت الانتماء اليهم هنا لفظوني لاني ملطخ بعار انتمائي للجانب الاخر. كل تراجع عن دعوي التسامح والحب التي اطلقها في بداية الهدنة الكل مازال يحمل عدائية الحرب وتحفز القتال. اجبرني الوضع القائم علي تقمص دور الوغد الي اخره والعيش فيه وداخله. والعجيب ان تغيرت الحياة وصرت شخصا مطلوب مزدهر الاعمال احيى وحيدا فوق سطوح البناية اكون ما يكفي من اموال السادة الاوغاد والعبيد المغفلين استعدادا لرحلة حول العالم ابحث فيها عن وطن استرد في رجولتي المسلوبة في حرب لم اخضها وثمنا لم احصل علي مقابل له.

الجمعة، 29 مارس 2013

الصورة المضيئة


هي الصورة المضيئة تلك التي تعطي الاشياء حقيقتها وتجلبك من عالم الضبابيات تحت ضوء الشمس مباشرة. لكنها صارت مجرد صورة لكنها لا تزال مضيئة.
حزن وغضب وحنق من ذهب امور اثيرت في ثواني. تحتاج ايام لتخبو. وعمر باكمله لتزال.
غصبة في القلب تدفع الدم للرأس ولا يعود مرة اخرى ليخرج عبر خلاياك خروج روح مصغر لتتحد مع الطيف الجميل الملتهب تحت نفس الشمس. لكنها تخطئه مرة اخري لتضاف لاخواتها من مرات الاخفاق التي لا تحصى عبر سنوات من الحزن المفرح ذو الشجون المحببة للنفس والالم والآمل الذي يجعل القلب يشعر بلذة الحياة والولادة كل مرة يخفق فيها وينهض ليحاول مرة اخري غيرعابئ كطفل عنيد يصر علي هدف طفولي بريئ.
تلك الصورة التي تستعصي علي الترويض تجوب الخيال والطيف ليل نهار غير عابئة بزمان او مكان. تعن لك في كل امر قادم او ماضي والحاضر هو ما يبقي لك لتحاول السيطر عليه في خوف ووجل ان تتملكه في غفلة منك وانت لا تدري.
تقف  امام صورة انعاكسك تسب وتلعن وتتامل فتنطبع الصورة مكان صورتك لتبتسم كمن عاد للوطن ووجد الامان وتتذكر.

الخميس، 28 مارس 2013

طاولة القمار 2

عندما كنت اجلس الي طاولة القمار (لعبة الحياة) كي اقامر بكل شئ. العب اللعبة علي كل ما املك، فاكسب ولا اشعر بفرح النصر ولا طعم المكسب، او اخسر لأقلب الطاولة علي الجميع. كنت اقامر واخسر واستدين واكسب واسدد واستدين واتصارع.
كانت حياة سواد بلامعني سوي لحظات القلق وثواني من نشوة الانتصار والكثير والكثير من الخمول السكون والسهر حتي تحولت الي كائن ليلي افترس كل من يقع بين فكي ثم ادفن بقاياه وانا اردد مرثية حزينة ارثي بها نفسي قبل ان ارثي ضحيتي.
لم يكن لدي ما اخسره، فلم اكسب يوما شئ وخسرت ذات يوم كل شئ. الي ان جاء يوم-قبل الثورة بيوم-جاء الي ما لم اكن اتوقع وما لم ادرك قيمته الا عند التحدي.

الأربعاء، 27 مارس 2013

حورية

كانت حورية تقطر لبنا وعسلا ومتوجة بزهور حمراء كأنها تنبت من تِبر شعرها الرائقِ. ودررُ الياقوتِ في اذنيها تستمدُ بهائِها منها فكأنها جزء لا ينفصل عن كلهِ. واثمدُ العينين فيه جَرحُ الفؤادِ وطبهِ. وفواكه الجنةِ تملأ انحاِئها فلا تدري لأيها انت اكل وأيها متأملِ. تنسيك عالمك فهي عالمٌ، فيا حظَ ذاك الكريمُ الذي عندِها مقامهِ.

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

الصعلوك

هل مات ذاك الصعلوك الفيلسوف بداخلي، ام انه سافر بعيدا ليجمع الحكايات (يصنعها او يسمعها) ويعود بها لنملأ الدنيا صخبا بها كما الماضي .أم انه يدور في البلاد ويبحث بين العباد عن مليكته التي اعياني حديثا ووصفا عنها وعن عشقها له وهو في زي الفرسان.

الأحد، 4 نوفمبر 2012

ميت ندامة

شجرة فيحة،والرومان في الاوان،والفراولة طَيبة، بوابتها علي عمودين مرمر،وغصنين بان يخدوك بالاحضان،والبدر المنور في وسط ليل اسود غامق طوييييل.
تعدي عليك الجنة وتتحصر يا حزين وتقول يا ميت ندامة علي اللي حب ولا طالش ......... وعجبي.

الأربعاء، 29 أغسطس 2012

مصادفة علي الجسر


هذه القصة لها جزء سابق في القاهرة

باريس جميلة كما هي العادة،الأمطار تهطل كدموع فرحة، تزيد حميمية العشاق، تضفي نقاء الطبيعة علي طعم الشيكولاتة المدخنة مع السجائر البنية.
يومان مضنيان من البحث المثير عن شقرائي الباريسية. غيرت العنوان، غيرت العمل، رقم الهاتف كذلك الاصدقاء المشتركين والمعروفين لي، لم يكن لديهم سوا خيوط بحث مقطوعة. لم أجد غير خيط رفيع باهت رومنسي الطابع واللون. اماكنها المفضلة/اماكن ذكرياتنا الباريسية، ترددت عليها عدة مرات في اليوم الاول والثاني.
عندما بدأت اصفها للنادل الاول في ذاك المقهي تذكرت اني لم أحضر معي صورة، لا بل اني لا املك سوي صورة واحدة في ذاك الإطار الخشبي بجوار الفراش في القاهرة وكأني اكتفيت بتلك الصور والمشاهد المحفورة داخل كياني ولم اعد احتاج لتلك البديلة. اتذكر ذاك العجوز الطيب في كوخه الخشبي حين اخبرني ان تلك الصور صنعت لتمنعنا من نسيان من ندعي باننا نحبهم، حتي نظل نحبهم.
أنا لم اكن ادعي فلم احتاج الي تلك الصور.
رن الهاتف خمس مرات.  عامل في كل مرة من مكان زرته سلفا يخبرني "فتاتك ها هنا"، انطلق في اثر الهاتف لاصل بعد دقائق من الرحيل. اخر مرة ثانية واحدة هي اللتي منعتني من لقياها.
مازالت زخات المطر تهطل حاملة عبق عطرها. اقف علي الجسر بين زوجين من العشاق علي اليمين واليسار، يمارسان مقدمات رقصة الحياة علي انغام الكمان القادمة مع القطرات العطرة من الجهة الأخري. هنيئا لكم بنعيم العشق.ذاك الذي يرفعكم من علي سطح الجسر بعيدا حتي القمر وكأنكم ارتضيتم به عرشا بعدما ملكتم الأرض وما عليها.
سيجارة تلو الأخري، لا تريد تلك العلبة ان تفرغ ولا تلك السحابة أن تُقلع. أقف منتظرا رنين الهاتف، اقف منتظرا انتهاء المطر، اقف منتظرا انتهاء السجائر. اقف في انتظار مُركَّب، في ذاك المكان الذي امتلكنا فيه العالم واعتلينا عرش القمر. مكان مثل هذا جدير ان تحدث فيه تلك المصادفة المنتظرة في الاساطير. فعطرها يملأ المكان وقلبي يملأه اليقين لذلك فأنا انتظر. ويكاد انتظاري أن ينتهي.

الثلاثاء، 19 يونيو 2012

الرؤية

عندما اراها تتفكك الكائنات من حولها وتصبح هي الكائن الوحيد القائم علي مدد الابصار والاسماع والادراكات.وتصبح كما هي دائما الكائن المكنون داخله كل اسرار الكون والكينونة.