اثناء قرائتي لرواية " يوم غائم في البر الغربي" للرائع محمد المنسي قنديل أثرت في نفسي بشدة هذه الكلمات فقررت ان اشاركها معكم :)
جائت هذه الكلمات علي لسان هوارد كارتر-مكتشف مقبرة توت عنخ امون الشهير- وهو من شخصيات الرواية الرئيسية:
"أشاهد آثار أقدام عبد الرسول الضخمة والحافية علي الرمل الطري، وكأنه يترك طابعه في كل مكان يمر به، ونسمع صوت السواقي وهي تروي الأرض ليلا، بعيدا عن حر النهار وعن أعين مفتشي الري، كانت الجواميس والثيران المغماه تدور حولها في دورات لا تنتهي، كل شئ يبدو غير واقعي، والقواديس ترفع من اسفل البئر وتصبه في القناة المؤدية للحقل، ويظل محور الساقية يدور داخل حجر مجوف من البازلت، يلمع من الماء وانعكاس أشعة القمر، يشير إليه عبد الرسول وهو يقول:
هذا الحجر من الصوان قبل أن يصبح محور لهذه الساقية،كان دعامة لبيت عمدة "القرنة" بالقرب من ضفة النيل، كان رجلا شهوانيا لا يضاجع إلا بنات الغجر،بعد أن مات قمنا بجر كل هذه الاحجار إلي هنا بواسطة الثيران،استغرق الأمر ثلاث ليال حتي مطلع الفجر حتي ننقل كل حجر،فقبل أن يسكن العمدة في هذا البيت كان ثكنة لجنود الفرنسيس،قضوا هنا بعضا من الوقت بينما يقوم الرسامون بتسجيل هذه الأطلال،وعندما تهدم البيت استولي عليه الجنود الانجليز وأقاموا معسكرا بين جدرانه وهم في طريقهم لمحاربة جيوش المهدي في السودان،أنا بنفسي رايت نيرانهم وهم يدخنون الغلايين وينظفون رماح بنادقهم، كان الشيخ المهدي بطلا ولكنه كان مثل عرابي سيئ الحظ، وقبل ذلك كانت هذه الأحجار هي اساس مئذنة المسجد الصغير قبل أن تتداعي بسبب الفياضانات التي غمرت الوادي،وكان بناة المسجد قد نزعوها من قلعة أقامها مماليك "الظاهر بيبرس" حين جاء السنجق الي هذا البر، ويقولون إن المماليك قد أخذوها من حصن قبطي قديم، كان فيه كنيسة وصوامع، وكان الأقباط قد مسحوا كل ما علي هذه الأحجار من نقوش فرعونية قديمة ورسموا بدلا منها علامات الصليب ومازالات باقية حتي الآن.
كان صوته في هذا الصمت المهيب يستمد تفاصيله من صدي أزمنة بعيدة، قلت:
كيف عرفت هذه الأشياء؟
قال في غموض : هكذا يقولون..هناك كثير من الحكايات..كل حجر هنا وله حكاية.."
انتهت الي هنا كلمات كارتر ولم انتهي من الرواية الرائعة بعد.
كل عام وانتم بخير بمناسبة عيد الاضحي :)
تحديث:انهيت الرواية يوم الاثنين 22/11/2010
جائت هذه الكلمات علي لسان هوارد كارتر-مكتشف مقبرة توت عنخ امون الشهير- وهو من شخصيات الرواية الرئيسية:
"أشاهد آثار أقدام عبد الرسول الضخمة والحافية علي الرمل الطري، وكأنه يترك طابعه في كل مكان يمر به، ونسمع صوت السواقي وهي تروي الأرض ليلا، بعيدا عن حر النهار وعن أعين مفتشي الري، كانت الجواميس والثيران المغماه تدور حولها في دورات لا تنتهي، كل شئ يبدو غير واقعي، والقواديس ترفع من اسفل البئر وتصبه في القناة المؤدية للحقل، ويظل محور الساقية يدور داخل حجر مجوف من البازلت، يلمع من الماء وانعكاس أشعة القمر، يشير إليه عبد الرسول وهو يقول:
هذا الحجر من الصوان قبل أن يصبح محور لهذه الساقية،كان دعامة لبيت عمدة "القرنة" بالقرب من ضفة النيل، كان رجلا شهوانيا لا يضاجع إلا بنات الغجر،بعد أن مات قمنا بجر كل هذه الاحجار إلي هنا بواسطة الثيران،استغرق الأمر ثلاث ليال حتي مطلع الفجر حتي ننقل كل حجر،فقبل أن يسكن العمدة في هذا البيت كان ثكنة لجنود الفرنسيس،قضوا هنا بعضا من الوقت بينما يقوم الرسامون بتسجيل هذه الأطلال،وعندما تهدم البيت استولي عليه الجنود الانجليز وأقاموا معسكرا بين جدرانه وهم في طريقهم لمحاربة جيوش المهدي في السودان،أنا بنفسي رايت نيرانهم وهم يدخنون الغلايين وينظفون رماح بنادقهم، كان الشيخ المهدي بطلا ولكنه كان مثل عرابي سيئ الحظ، وقبل ذلك كانت هذه الأحجار هي اساس مئذنة المسجد الصغير قبل أن تتداعي بسبب الفياضانات التي غمرت الوادي،وكان بناة المسجد قد نزعوها من قلعة أقامها مماليك "الظاهر بيبرس" حين جاء السنجق الي هذا البر، ويقولون إن المماليك قد أخذوها من حصن قبطي قديم، كان فيه كنيسة وصوامع، وكان الأقباط قد مسحوا كل ما علي هذه الأحجار من نقوش فرعونية قديمة ورسموا بدلا منها علامات الصليب ومازالات باقية حتي الآن.
كان صوته في هذا الصمت المهيب يستمد تفاصيله من صدي أزمنة بعيدة، قلت:
كيف عرفت هذه الأشياء؟
قال في غموض : هكذا يقولون..هناك كثير من الحكايات..كل حجر هنا وله حكاية.."
انتهت الي هنا كلمات كارتر ولم انتهي من الرواية الرائعة بعد.
كل عام وانتم بخير بمناسبة عيد الاضحي :)
تحديث:انهيت الرواية يوم الاثنين 22/11/2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا برأيك فيما قرأت
وشكرا